أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

إستغلال الآخرين، ما هو؟ وكيف نعالجه؟ وما أسبابه؟

ماذا نعني بالإستغلال؟

يتودد إليك ويتقرب إليك بحديثه الممتع، يتواصل معك يومياً، يبين مدى حبه واحترامه لك، ثم تبدء المصالح بعدها بالظهور؛ فيطلب منك مساعدته في عمله، أو أن تقف بجانبه في حالة نفسية قد يمر بها، وتساعده مالياً؛ ولأنك تعده صديقاً عزيز وأخاً فاضل توافق على طلبه برحابة صدر.  ممكن أن يتكرر الموقف مراراً، وتظل إستجابتك هي نفسها، وتستمر في معاملته بإحسان وإيجابية وبطيبة وبنية حسنة.

وتمضي الأيام، وينقلب الموقف، فتكون في هذه اللحظة أنت من إحتجت إليه؛ لكنه وقتها يبتعد ويتملص من مساعدتك أو التعاطي معك أصلاً، ويقدم لك العديد من الحجج والعلل ملخصاً ذلك بقوله "غير قادر على المساعدة"، وتكون أنت متيقن وتعرف أنه قادر على مساعدتك وإعانتك، وعلى الصعيد الآخر ترى أنك قد حرمت نفسك الكثر لكي تيسر أموره وتساعده.

فتعاتب نفسك بعدها، وتتسائل "أين موضع الخطأ؟ ولماذا لم ألاحظ أنه شخص إستغلالي؟ ولماذا لم أستطع قول كلمة "لا" لطلباته؟ ولماذا كنت سجذاً في تعاملاتي معه؟ وكل ذلك كان على حساب سعادتي ووقتي وجهدي وراحتي !!".

من المحتمل أنك واجهت عزيزي القارئ الكثير من الأشخاص الإستغلاليين الذين يمتصوننا نفسياً ومادياً، والذين يكونوا مبرمجين على لغة الأخذ فقط، ويطلبون الكثير في كل مرة، ويبتعدوا عنا عند أول طلب منهم؟! 

لماذا لا تسأل نفسك الأسئلة التالية:

  • كيف من إستغلال الآخرين المستغلين؟
  • هل مفاهيم التضحية والإيثار أصبحت مشوهة في مجتمعاتنا؟!
  • هل نحن في وسط مجتمع يرى أن إستغلال الطرف الأخر "مهاراة أو شطارة"؟!
بإذن الله ستجد جميع الأجوبة التي تتبادر في ذهنك الآن في المقالة التي بين يديك.

ماذا نعني بالإستغلال؟

الإستغلال هو أي علاقة غير متزنة بين طرفين، ويكون أحد الأطراف هو المستفيد والآخر غير مستفيد وغير قادر على التعامل مع الطرف الآخر برفض عنجهيته وكثرة طلباته إما لأنه صديق أو مدير في العمل، وذلك بسبب عدم قدرة الطرف الآخر على التعامل مع الآخر أو عدم القدرة على قول "لا".

يوجد نوعين من الإستغلال هما:

  1. الإستغلال الإيجابي: ويقصد به الإستفادة من كل المقدرات على وجه الأرض، عدا الإنسان.
  2. الإستغلال السلبي: وهو الإستفادة من شخص ما، من دون تقدير ما قام به من عمل، كما أنه يسمى إستغلالا سلبياً؛ بسبب تفرد شخص واحد بالإستفادة، فالعلاقات الإنسانية والمصالح بينهم يجب أن تكون متبادلة.

ما أسباب إستغلال الآخرين لنا؟

1. علاقة "الخسارة و الربح"

العلاقة المثالية بين الإنسان هي "الربح مقابل الربح" ونعني بذلك أن الطرفين يكونا مستفيدين.  ويتعرض الشخص الغير الواثق من نفسه لتبني نمط ( ربح - خسارة ) في علاقاته الإجتماعية والأسرية؛ بأن يفعل أمور إيجابية للأفراد الآخرين، بهدف حصوله منهم على الإطراء أو المدح، ويشعره ذلك بقيمته، وبذلك فهو يشتري قيمته من الآخرين مقابل السماح لهم بإستغلاله.

2. إستغلال الآخرين بسبب الخلط بين الإيثَار والحقّْ

قد يقع العديد من الأشخاص لضحايا الإستغلال؛ وذلك بسبب الخلط والتشوه في المعتقدات الإجتماعية، فلقد إكتسبنا أن من يتمسح بحقه ويدافع عنه يعتبر شخص سلبي أو أناني، وأن من يفضل الآخر على نفسه يعتبر هو الشخص الإيجابي.

3. الخلط بين التضحية والإيثار

دائماً ما نسمع عبارة "أني أضحي وأعمل من أجلكم، وقد آثرتكم على نفسي"، إلا أنه يوجد فرق كبير بين كل من الإيثار والتضحية؛ فالإيثار يعني: التقديم للآخرين من دون إنتظار المقابل منهم، والتضحية تعني: تقديم العطاء للآخرين مع إنتظار المقابل منهم، (فمثلاً قد يكون المقابل تقديراً أو مديحاً).

4. استغلال الآخرين بسبب أخطاء في التربية

يعتمد بعض الأهل على أساليب غير صحيحة في التربية، فلا يلبوا متطلبات أبنائهم، وقد يكبر الأبناء وهم غير مدركين أن لآبائهم وأهلهم حقوق، فالأبناء حينها قد إعتادوا على الأخذ فقط دون العطاء، فأصبحوا بذلك أشخاص أنانيين بتصرفاتهم، فعلى الأهل الوعي لتلك الجزئية، وتدارك الأخطاء في التربية أولاً بأول، وإفهام الأبناء أنهم شركاء فاعلين في الأسرة يأخذوا ويعطوا.

علاج إستغلال الآخرين

1. التمسك والحفاظ على صورتنا الأصلية

كل شخص له صورته الحقيقية والتي تعبر عنه، والتي تعبر عن نظرة المولى عز وجل إلينا، وفي المقابل، لك فرد صورة أخرى مزيفة تدعى "الأنا" مثل: الوضع المالي والشكل والهندام، وهي تعبر عن نظرة الآخرين إلينا.
إن المهم لنا هو الحفاظ على نظرة الله لنا، وليس نظرة الآخرين، فعندما نتبنى أوامر الله؛ بعدم ظلم أنفسنا وأن نتمسك بحقوقنا وحرياتنا أولاً حينها ستكون أفعالنا مبنية على تلك القناعة "الفطرة السليمة" ولن يعنينا كثيراً نظرة المجتمع لنا ما دام الله راضي عنا.
قال تعالى في محكم القرآن الكريم: "أَتَخْشَوْنَهُمْ ۚ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ". [سورة التوبة: الآية 13]

2. أنت السبب وأنت المتحكم بتصرفاتك

يجب أن تكون مدرك لتصرفاتك، فعند وقوعك في إستغلال من أي شخص عليك حينها أن تكون قادراً على تلك المشكلة، فالشخص المستغل لا يستغل أحداً إلا إذا كان الآخر مُهَيِّئًا وقابلاً للإستغلال.

3. إستثمر علاقتك وحولها إلى علاقة (ربح - ربح)

علينا تبني مبدئ الربح مقابل الربح، أي أن في أي علاقة يجب أن يكون هنالك تبادل للإستفادة، على أن تكون أنت الشخص المستفيد أولاً.  وقد تواجه العديد من الإنتقاضات عند تطبيقك لهذا النمط، ولكن في النهاية سيعتاد الآخرين على ذلك النمط الجديد، بهدوءك وصبرك.


الخلاصة:

نحن نعلم أننا نستطيع إبعاد المستغلين عن حياتنا، وذلك بتبني أنماط تكون عادلة وتحافظ على مبدء الإستفادة لكلا الطرفين، فهل يوجد أحق من ذاتنا الإنسانية بالمعروف الإحسان والإهتمام؟

لقد آن الآوان أن ننفضل ذلك الغبار عنا وعن الموروثات التي دخلت من مجتمعاتنا، وعلينا أن نضع حدود للتضحية، وأن تكون جميع قراراتنا بإرادتنا الكاملة.

Ramy Ashraf
Ramy Ashraf
أهلاً بكم أنا رامي أشرف عبد الغفور مدير الموقع ومدون محترف بخبرة تمتد إلى عام 2019 في مجال التدوين، خريج بكالوريوس إدارة أعمال، ودبلوم سكرتاريا، أحب نشر العلم والثقافة بين المجتمع المسلم وأتمنى أن يكون موقعنا منصة تفاعلية لنشر المعرفة والتعليم الممتع والمفيد، نحن نسعى دائماً لتوفير محتوى ذو جودة عالية ومفيد للقراء والمتابعين. كما أننا نفتخر بأننا نعمل ضمن فريق عمل متخصص ومتحمس يعمل بجد لتحقيق أهدافنا وتحقيق رؤيتنا في تقديم المحتوى القيم للمجتمع. شكراً لثقتكم بنا ونتمنى أن تستمتعوا بمحتوانا وتتركوا تعليقاتكم وآرائكم.
تعليقات