يتودد إليك ويتقرب إليك بحديثه الممتع، يتواصل معك يومياً، يبين مدى حبه واحترامه لك، ثم تبدء المصالح بعدها بالظهور؛ فيطلب منك مساعدته في عمله، أو أن تقف بجانبه في حالة نفسية قد يمر بها، وتساعده مالياً؛ ولأنك تعده صديقاً عزيز وأخاً فاضل توافق على طلبه برحابة صدر. ممكن أن يتكرر الموقف مراراً، وتظل إستجابتك هي نفسها، وتستمر في معاملته بإحسان وإيجابية وبطيبة وبنية حسنة.
وتمضي الأيام، وينقلب الموقف، فتكون في هذه اللحظة أنت من إحتجت إليه؛ لكنه وقتها يبتعد ويتملص من مساعدتك أو التعاطي معك أصلاً، ويقدم لك العديد من الحجج والعلل ملخصاً ذلك بقوله "غير قادر على المساعدة"، وتكون أنت متيقن وتعرف أنه قادر على مساعدتك وإعانتك، وعلى الصعيد الآخر ترى أنك قد حرمت نفسك الكثر لكي تيسر أموره وتساعده.
فتعاتب نفسك بعدها، وتتسائل "أين موضع الخطأ؟ ولماذا لم ألاحظ أنه شخص إستغلالي؟ ولماذا لم أستطع قول كلمة "لا" لطلباته؟ ولماذا كنت سجذاً في تعاملاتي معه؟ وكل ذلك كان على حساب سعادتي ووقتي وجهدي وراحتي !!".
من المحتمل أنك واجهت عزيزي القارئ الكثير من الأشخاص الإستغلاليين الذين يمتصوننا نفسياً ومادياً، والذين يكونوا مبرمجين على لغة الأخذ فقط، ويطلبون الكثير في كل مرة، ويبتعدوا عنا عند أول طلب منهم؟!
لماذا لا تسأل نفسك الأسئلة التالية:
- كيف من إستغلال الآخرين المستغلين؟
- هل مفاهيم التضحية والإيثار أصبحت مشوهة في مجتمعاتنا؟!
- هل نحن في وسط مجتمع يرى أن إستغلال الطرف الأخر "مهاراة أو شطارة"؟!
ماذا نعني بالإستغلال؟
الإستغلال هو أي علاقة غير متزنة بين طرفين، ويكون أحد الأطراف هو المستفيد والآخر غير مستفيد وغير قادر على التعامل مع الطرف الآخر برفض عنجهيته وكثرة طلباته إما لأنه صديق أو مدير في العمل، وذلك بسبب عدم قدرة الطرف الآخر على التعامل مع الآخر أو عدم القدرة على قول "لا".
يوجد نوعين من الإستغلال هما:
- الإستغلال الإيجابي: ويقصد به الإستفادة من كل المقدرات على وجه الأرض، عدا الإنسان.
- الإستغلال السلبي: وهو الإستفادة من شخص ما، من دون تقدير ما قام به من عمل، كما أنه يسمى إستغلالا سلبياً؛ بسبب تفرد شخص واحد بالإستفادة، فالعلاقات الإنسانية والمصالح بينهم يجب أن تكون متبادلة.
ما أسباب إستغلال الآخرين لنا؟
1. علاقة "الخسارة و الربح"
2. إستغلال الآخرين بسبب الخلط بين الإيثَار والحقّْ
3. الخلط بين التضحية والإيثار
4. استغلال الآخرين بسبب أخطاء في التربية
علاج إستغلال الآخرين
1. التمسك والحفاظ على صورتنا الأصلية
قال تعالى في محكم القرآن الكريم: "أَتَخْشَوْنَهُمْ ۚ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ". [سورة التوبة: الآية 13]
2. أنت السبب وأنت المتحكم بتصرفاتك
يجب أن تكون مدرك لتصرفاتك، فعند وقوعك في إستغلال من أي شخص عليك حينها أن تكون قادراً على تلك المشكلة، فالشخص المستغل لا يستغل أحداً إلا إذا كان الآخر مُهَيِّئًا وقابلاً للإستغلال.
3. إستثمر علاقتك وحولها إلى علاقة (ربح - ربح)
علينا تبني مبدئ الربح مقابل الربح، أي أن في أي علاقة يجب أن يكون هنالك تبادل للإستفادة، على أن تكون أنت الشخص المستفيد أولاً. وقد تواجه العديد من الإنتقاضات عند تطبيقك لهذا النمط، ولكن في النهاية سيعتاد الآخرين على ذلك النمط الجديد، بهدوءك وصبرك.
الخلاصة:
نحن نعلم أننا نستطيع إبعاد المستغلين عن حياتنا، وذلك بتبني أنماط تكون عادلة وتحافظ على مبدء الإستفادة لكلا الطرفين، فهل يوجد أحق من ذاتنا الإنسانية بالمعروف الإحسان والإهتمام؟
لقد آن الآوان أن ننفضل ذلك الغبار عنا وعن الموروثات التي دخلت من مجتمعاتنا، وعلينا أن نضع حدود للتضحية، وأن تكون جميع قراراتنا بإرادتنا الكاملة.
نسعد بإستقبال إقتراحاتكم وإضافة خبراتكم