عمل المرأة خارج المنزل
لا يوجد نص شرعي يحرم عمل المرأة خارج المنزل، وللمرأة حضورها الذي لا يختلف عن الرجل في كثير من مجالات الحياة، وذلك فضلاً عن كونها نصف المجتمع، ولعل أهم ما يمكن للمرأة أن تفعله هو تربية الأجيال وتربية الأمة، فتشكل مجتمع متوازن وصاعد، ولهذا كان الإعداد الإلهي للمرأة للقيام بهذا الدور، بالإضافة إلى دورها في تكوين أسر سعيدة، لذلك يعتبر عمل المرأة خارج بيتها مباح وجائز، بل قد ترقى المرأة لمرتبة الاستحباب عند مرورها بظروف مثل النفقة على أبنئاها أو أو والديها أو حتى نفسها، ولعل هذا ما ذكره لنا سيدنا شعيب في القرآن الكريم في قصته المشهورة، خصوصاً أن بعض الوظائف تستلزم عمل المرأة في مجتمعنا الإسلامي، وعلى الرغم من جواز عملها فإنه يجدر بالمرأة الإلتزام بالعديد من الضوابط الشرعية التي يجب أخذها بعين الإحتساب عند عملها، وسنحاول في هذه المقالة البسيطة تسليط الضوء على الضوابط الهامة ولا سيما توضيح مسألة الإختلاط. (المصدر 1)
حكم الاختلاط بين الرجال والنساء في العمل
اختلف أهل العلم في حكم الاختلاط بين الرجال والنساء في العمل فمنهم من أجاز عمل المرأة خاصة في حال إضرطت لهذا الأمر مع إشتراطهم بأن يصحب العمل الإلتزام بضوابط الدين الحنيف، فيجب أن لا يكون هنالك تبرج أو تميع في الحديث أو أن يكون العمل مصحوباً بخلوة بين الجنسين، ومن الممكن ان تكون فكرة العمل مباحة في ظل وجود عدد كبير من الموظفين والموظفات الذي ينعدمه به الخلوة مع إلتزام الجنسين بضوابط العمل فحين ذلك فلا بأس، لكن إن حصل إخلال في تلك الضوابط فإن العمل يكون محرماً.
ولكن على النقيض من الرأي إختلف بعض أهل العلم وأصروا على تحريم الإختلاط في العمل مستندين في رأيهم إلى قول الله تعالى عز وجل، في سورة النور (الآية 31):
"وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ".
وذلك إلا أن كثرة الحديث والمجالسة بين كلا من المرأة والرجل في المرأة تؤل بذلك إلى طريق الفتن، ولقد دعم أهل العلم المخالفين رأهيم بقول رسولنا الحبيب عليه أفضل التسليم:
"خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجالِ أوَّلُها، وشَرُّها آخِرُها، وخَيْرُ صُفُوفِ النِّساءِ آخِرُها، وشَرُّها أوَّلُها". [المصدر: صحيح مسلم]
فذكروا إن كان هذا هو وصف الحال عند إجتماع النساء والرجال في المسجد، فما هو الوصف الذي سيكون عند إجتماع الجنسين في العمل، وقد أوردوا العديد من الحجج والبراهين لآرائهم. (المصادر 2-3-4-5)
ضوابط عمل المرأة خارج المنزل في الإسلام
لا يشك أحد أن المرأة والرجل مكملان لبعضهما البعض، وقد تلجئ المرأة لأسباب عديدة الخروج من بيتها للعمل، وفي هذه الحالة يجب على المراة المسلمة أن تلتزم بالضوابط التي أمرنا بها الإسلام وحثنا عليها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عند خروجها للعمل، فيكون بذلك لها الاجر من الله على إلتزامها وحرصها وإنضباطها.
ونعرض فيما يلي الضوابط الشرعية الواجب إتخاذها من المرأة عند خروجها من المنزل للعمل:
- أن يتلائم عملها مع طبيعة جسدها النفسية والبدنية، والتي خلقها الله عز وجل عليها، بحيث تعمل أعمال ليست بشاقة، وذلك للحفاظ على حالة المرأة النفسية، ولكي لا يحدث العمل لها توتر في علاقاتها الإجتماعية.
- لا يجوز عملها على حساب ترك الأبناء وإهمال تربيتهم وذلك بأي حال من الأحوال، ولا أن تتركهم للمربيات، فتكون بذلك قد أحدثت صدعاً في المجتمع بدلاً من بناءه؛ فذلك يكون إسهام منها ببناء جيل صاعد غير سوي الأخلاق ولا التربية وبعيد عن أخلاق الإسلام.
- أن يكون العمل لحاجة أساسية مثل سد مصروف شخصي أو لمساعدة المجتمع وسد إحتياجه من أمر ما، ولا يكون أبداً بقصد الإستعراض أو التسلية، فقال تعالى:
"وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" [الأحزاب: 33]
- أن يكون العمل التي ستعمله مباحاً، ومن غير الجائز عملها في أي مجال محرم بإدعاء الحاجة، فكلا الجنسين يجب أن يتقدا بالعمل في مجالات أباحها الله عز وجل، فمثلاً لا يجوز عمل المرأة في الملاهي الليلية أو في الترويج لمسكرات أو الخمور أو في مؤسسات تعتمد على أعمالها بالأعمال الربوية وغيرها مما حرم الله تعالى، ولا يضر أن تعمل المرأة في مجالات التدريس أو الطب أو التمريض أو أي مجال مباح العمل به.
- أن تحافظ المرأة على لباسها الشرعي أثناء العمل، إلتزام المرأة المسلمة يجب أن يكون في أي مكان تذهب إليه سواء السواق أو العمل فيجب أن تحافظ على اللباس الشرعي وأن لا تتطع أي عطر عند خروجها، كما يجب أن تلتزم في مشيتها ولا تتصرف أي فعل يجلب لها إنتباه أو أن لا تقوم بأي مغريات نسائية.
- أخذ موافقة الزوج بالعمل، فيحظر خروج المرأة لعملها دون إعلام زوجه وموافقته، وقد أوجب الإسلام على المرأة بان تأخذ راي الزوج في أي فعل ستقوم به؛ فعملها سيكون على حساب وقت الزوج والأبناء، ويوجد بعد الأزواج لا يناسبهم ذلك.
- أن تأمن المرأة على نفسها من الفتن، أو أن لا تكون فتنة للجنس الآخر.
خاتمة مقال عمل المرأة خارج البيت
وفي نهاية المقالة التي قدمنا لكم بها الضوابط التي يجب على النساء إتباعها عند العمل خارج البيت، ووضحنا حكم الإختلاط كما أورده أهل العلم، ننصحك أيتها المرأة بأن تقدري أمر عملك وذلك وفقاً لحاجتك للعمل فعلاً، ويمكنك العمل في حال إحتاجك المجتمع خاصة في بعض الظروف الإستثنائية، وبإمكانك العمل من المنزل خاصة في ظل أحداث كورونا، مثلاً: يمكنك كتابة مقالات إلكترونية عبر مواقع الويب، أو إعداد الفيديوهات عن أي شيء تحبينه مثل الطبخ أو التثقيف، ونأمل أن نكون قد أفدناكي ولو بأقل القليل من المعلومات التي كنتي تبحثين عليها.
نسعد بإستقبال إقتراحاتكم وإضافة خبراتكم